الاثنين، 14 سبتمبر 2015

فنون الشعر الأندلسي المحدثة ( الزجل+ الاستغاثة)


 الزجل:

ثاني فنون الشعر الأندلسي المستحدثة هو الزجل ، ولم يُعرف مخترعها أو يشار إليه إلا أنه قد أشير إلى أبي بكرٍ بن قرمزان بأنه مبدع فن الزجل فاشتهرت عنده وفي زمانه " عصر المرابطين " ولكنها كانت تُقال قبل هذا العصر، يقول بن خلدون عن الزجل " ولما شاع فن التوشيح في الأندلس.........، نسجت العامة من أهل الأمصارِ على منواله، ونظموا في طريقته بلغتهم الحضرية من غير أن يلتزموا فيه إعرابًا .... فجاءوا فيه بالغرائب ، واتسع فيه للبلاغة مجال بحسب لغتهم المستعجمة".


يتحدث الكاتب عن تطور الزجل، ويقسم الزجل إلى نوعين:
1-  زجلُ العامة وشعر العامة:
 ويتمثل في الأغنية الشعبية العامية، التي تتولد تلقائيًا بباعث تجربة شخصية أو من موقف معين، ثم تشيع أو تغنى على ألسن الناس.


2- زجل الشعراء المعربين .

ويتحدث الكاتب بعدها عن موضوعات الزجل وهي نفسها فنون الشعر التقليدية المعروفة، وقد ظهر التصوف في الزجل وأول من استخدمه هو أبو الحسن الششتري.


مثال الزجل قول ابن قزمان:

يا شرابًا مُر ما أحــــلاك!
علقم أتّ[2] ممزوج بسكّـــر


بالذي رَزَقـــــــنَ حُبَك
من نَثر عليـــــــك جوهر؟


وترى لش[1] تشتكي ضُر؟
لش نراك رقيق أصـــــــــفر


ما أظن إلا ألـــــــــم بِيـــــك 
أو مليح لاشـــــــك تَعشـــــــق 


وقد تتفق القصائد الزجلية مع القصائد المعربة التقليدية في التزام الوزن الواحد ، والقافية الواحدة ، والمطلع المصرَع، وتختلف عنها في اللحن والإعراب واللغة، ويذكر الكاتب أن قيمة الزجل ليست في تنوع أشكاله وأوزانه ولا في الأساليب البيانية أو البديعية وإنما تكمن قيمته الحقيقية فيما استمده من واقع الحياة العامة، ممثلاً في الجديد من معانيهم وحكمهم وأمثالهم، والابتكارات في تشبيهاتهم.


" والذي أستخلصته أن الزجل يشابه الشعر النبطي أو الشعر الشعبي في زمننا هذا" 



3- الاستغاثة : 


وثالث فنون الشعر الأندلسي المستحدثة هو فن الاستغاثة، ونبع هذا الفن من عاطفتهم المشبوبة تجاه الأندلس لما رأوا المدن تتساقط واحدة تلو الأخرى والممالك تنسل من بين أيديهم ، فخرج هذا الفن من عمق المأساة وهم يستنهضون الملوك.


والقصائد التي استشهد بها الكاتب كثيرة وموجعة نذكر منها استغاثة زيان بن أبي الحجاج ملك شرق الأندلس ، بسلطان تونس أبي زكريا بن أبي حفص : 


أدرك بخيــلك خيــل الله أنـدلســا

إن السبيـــل إلى منجاتهــا درسـا



وهب لها من عزيز النصر ما التمست
فلم يـــزل منـك عـــز النصـر ملتمسا


يا للجزيرة أضحى أهلها جزراً
للحادثــات وأمسى جـــدها تعــــسا


في كل شـارقة إلمام بائقـــة
يـــــعود مأتمهـا عند الــعدا عرسا!


وفي بلنــسية مــنها وقـــرطبة
ما ينسف النفس أو ما يــنزف النفس


مدائن حلها الإشـــراك مبتســــماً
جذلان، وارتـحل الإيمـــان مبتئسا


وصيرتهــا العوادي العــائثـات بها
يستوحش الطـرف منها ضعف ما أنسا


يـــا للمسـاجد عــادت للعدا بيعاً

وللنـــداء غــدا أثنــاءها جـرسا



وهذه استغاثة الفقيه محمد الثاني بن الأحمر ملك غرناطة بسلطان المغرب يعقوب بن عبدالحق المريني، وهي من نظم كاتبه أبي عمر بن المرابط:

هل من معين في الهوى أو منجد
من متهِمٍ في الأرض أو من منجِدِ؟

هذي سبيل الرشد قد وضَحَت فهل
بالعُدوَتين من امرئ مسترشــــد

هذا الجهادُ رئيسُ أعمال التقى
خذ منه زادك لارتحالك تسعدِ

هذا الرباط بأرض أندلسٍ فرُح
منــــه لما يُرضي إلهك واغتدِ


من ذا يُطهِرُ نفسه بعـــــزيمةٍ
مشحوذة في نصر دين محمدِ؟


ومنها:


كم جامعٍ فيها أعيد كنيسة 
فاهلك عليه أسى ولا تتجلدِ


أسفًا عليها أقفرت صلواتُها
من قانتين وراكعين وسُجدِ!

...


أفلا تذوب قلوبكم إخواننــا
مما دهانا من ردىً أو من ردي؟!


أكذا يعيث الروم في إخوانكم؟
وسيوفكم للثـــأرِ لم تتقلدِ 






فأجابه السلطان من نظم شاعره عبدالعزيز: " لبيك لا تخش اعتداء المعتدي!"



[1] لش: لماذا؟


[2]أت: أنت