الثلاثاء، 8 سبتمبر 2015

ثانيًا : فنون الشعر الأندلسي الموسعة (شعر الحنين)


وكما عرفنا فنون الشعرالموسعة سابقًا ، "هي الفنون التي لا تخرج عن كونها من الفنون التقليدية ولكن الأندلسيون توسعوا في القول فيها لوجود مقتضيات هذا التوسع في مجتمعهم مثل: الحنين، شعر الطبيعة، رثاء المدن والممالك، والشعر التعليمي".


1- الحنين


قد لحق الأندلسيون إخوانهم المشارقة في شعر الحنين، وفاقوهم كمًا وكيفًا، والسبب في ذلك يعود إلى أن معظم الأندلسيين رحلوا إلى الشرق طلبًا للعلم فحنوا إلى ديارهم، والسبب الثاني أن معظم من رحلوا إلى الأندلس كانوا شعراء وأدباء، والاغتراب أشد ما يبعث في النفس الحنين.

وأهم موضوعات قصائد الحنين تدور على : الشوق إلى الأوطان، تجاربهم الذاتية في بلاد الغربة، تصوير ملاعب الصبا، ذكر أيامهم وعهودهم السعيدة في ديارهم، مدحُ الاغتراب عند بعضهم وذمه عند الآخرين، المزج بين الحنين والطبيعة في في الصور الشعرية، وغيرها كثير ...

مثالُ ذلك قول أبي بكر محمد بن زُهر في شوقه لولده الصغير في إشبيلية، وهو بمراكش: 





وَلي واحِدٌ مِثل فَرخِ القطا ***صَـــغيرٌ تَخلَّـفَ قَلبي لَدَيه 

وأُفردتُ عنه فَيا وَحشَتي ***لِذاكَ الشُّخيصِ وَذاكَ الوُجَيه

تَشَوَّقَني وَتَشَوَّقتُهُ ***فَيَبكـي عَــلَيَّ وَأَبكــي عَلَيــه 

وَقَد تَعِب الشَوق ما بَينَنا *** فَــمِنهُ إِليَّ وَمَـــنّي إِلَــــيه 


- ومن شعر الحنين " كنزُ الأدب" لأبي القاسم عامر بن هشام القرطبي لما زين له بعض أصحابه الرحلة إلى ملك الموحدين بمراكش(أبيات مختارة من القصيدة):

يا هبّة باكرت من نحو    دارين 
وافت إليّ على بعدٍ تحيّيني
ســرت على صفحات النهر ناشرة 
جناحها بين خيريّ ونسرين 

ردّت إلى جسدي روح الحياة وما 
خِلت النسيم إذا ما متّ يحييني 

يا من يزيّن لي الترحال عن بلدي 
كم ذا تحاول نسلاً عند عنّين 

وأين يعدل عن أرجاء قرطبة 
من شاء يظفر بالدّنيا وبالدين 

قطرٌ فسيحٌ ونهر ما به كدرٌ 
حفّت بشطّيه ألفاف البساتين

يا آمري أن أحثّ العيش عن وطني 
لمّا رأى الرزق فيه ليس يرضيني

نصحت لكنّ لي قلباً ينازعني
فلو ترحّلت عنه حلّه دوني  

لألزمن وطني طوراً تطاوعني 
قود الأماني وطوراً فيه تعصيني








.......،