الأربعاء، 9 سبتمبر 2015

فنون الشعر الأندلسي الموسعة (شعر الطبيعة )


يتحدث الكاتب بداية عن وصف الطبيعة في الشعر العربي القديم وفي العصر الجاهلي، ووصفُهم لبلاد الشام والعراق، أما في الشعر الأموي، فنرى وصفًا للديار والأطلال وبعض الحيوانات، وكذلك وصف الخمر، أما في العصر العباسي فقد أكثروا من وصف الخمر والرياض المنتشرة، ومنهم قول البحتري:




أتاك الربيع الطلق يختال ضاحكًا 

من الحسن حتى كاد أن يتكلما





ثم يتطرق للشعر عند الأندلس وأنهم قد فاقوا أصحابهم المشارقة كمًا وكيفًا والسبب الأساسي هي طبيعة الأندلس التي عبرت عن نفسها أجمل تعبير والسبب الثاني لازدهار الشعر في الطبيعة هو حياة اللهو والاستمتاع التي كان يمارسها الشعراء مثل مجالس اللهو والطرب.

ثم يذكر الكاتب السمات العامة لشعر الطبيعة الأندلسي :

1- غلبة التشبيه والاستعارة على أساليبهم.

2- تشخيص الأمور المعنوية وتجسيمها.

3- بث الحياة والنطق في الجمادات.

4- الاستعانة ببعض العناصر البلاغية كالجناس والطباق والمقابلة والمبالغة وغيرها.

5- إطلاق العنان للخيال واختيار المعاني التي توحي بالحضارة والطرافة.

6- التصرف في أرق فنون القول، واختيار الألفاظ الملائمة لتصوير الطبيعة.

7- تصوير شعرهم لطبيعة الأندلس الحية، والطبيعة الصامتة، والطبيعة الصناعية (كالحضارة العمرانية).

8- غالبًا ما يأتي شعر الطبيعة ممزوجًا بأغراض أخرى كالغزل والمدح وغيرها.


بعدها يتحدث الكاتب عن اتجاهات الاندلسين في شعر الطبيعة :

أ- التغني بجمال طبيعة بلادهم فمنهم من مدح الأندلس كلها ومنهم من اقتصر على مدينة .

مثال النوع الاول قول ابن سفر المريني :

في أرض أندلسٍ تلتذّ نعماء 
ولا يفارق فيها القلب سرّاء

وليــــس في غيرها بالعيش منتفعٌ 
ولا تقوم بحق الأنس صهباء 


وأيـــن يعدل عن أرضٍ تحضّ بها 

على المدامة أمواهٌ وأفياء

وكيف لا يبهج الأبصار رؤيتها 
وكلّ روضٍ بها في الوشي صنعاء 


أنهـــارها فضةٌ ، والمسك تربتها 
والخزّ روضتها، والدّرّ حصباء 




ومن النوع الثاني قول الشاعر ابو عمر بن مالك في وصف مدينة (شِلب):


أشجاك النسيــــــــم حين يهـــــــبّ 
أم هتونٌ من الغمامــــة سكــــب


أم هتوفٌ على الأراكــة تشدو 

أيّ صـــبٍّ دموعـــه لا تصــبّ

كلّ هـــذاك للصّبابـــــة داعٍ 

أم سنى البرق إذ يخبّ ويخبــــو

أنا لولا النسيــــــم والبرق والور 

ق وصــوب الغمام ما كنت أصبو

ذكرتــــــني شلبـــاً وهيهـــات منّي 
بعدما استحكــــــــــم التّباعد شلب 



ب- وصف مجالي لطبيعة الأندلس :

فقد تأنقوا في تصوير الرياض مثال قول ابن مرج الكحل في وصف روضة يتخللها نهر :
وعشيةٍ كم كنت أرقب وقتَهـــــا 

سمحــــــــــــــــت بها الأيام بعد تعذرِ

فالروض بين مفضضٍ ومذهب

والزهر بين مدَرهَم ومــــــدَنرِ   

والورقُ تشدو ، والأراكةُ تنثني 

والشمسُ ترفل في قميصٍ أصفر

والنهرُ مرقوم الأباطِح والربــــــا 

بمصندلٍ من زهرِه ومعَصـــــفَرِ

وكـــــأنه وكــــأن خضــرة شطِهِ 

سيف يسل على بساط أخضر

نهر يهيـــــــم بحُسنه من لم يهِـــــم 

ويُجيدُ فيه الشعر من لم يشعُر

ما اصفرَ وجهُ الشمسِ عند غروبها 
إلا لفُرقــة حُسنِ ذاك المنظرِ 


وفي وصف الرعد والبرق ، كقول مروان بن عبدالرحمن :


فكأن الغمام صب عميد 

أن بالرعد حرقة واشتكاء

وكأن البروق نار جواه 
والحيا دمعه يسيل بكــــاء 



كذلك وصف الثمرات فهذا وصف لرمانة :

ولابـــــــسة صدفاً أحمــــــرا 

أتتك وقد ملئت جوهــــــرا

كــــــــــأنّك فاتح حقّ لــطيفٍ 

تضمّن مرجانه الأحمــرا

حبــــــــوباً كمثــــل لثات الحبيب 
رضاباً إذا شئت أو منظـــــــــــرا 




ج- وصف مجالس الأندلس :

وأغلب سماتها :

1- غلبة الارتجال عليه.

2- قلة القصائد الطوال، كثرة المقطوعات.

3- كثرة عنصر الخيال فيه.

4- استخدام الألفاظ التي تتضافر بما لها من خصائص معينة على بناء الصور الشعرية التي تروق لحاسة أو اكثر من الحواس.

5- تنوع الصور الشعرية بتنوع العناصر التي تتركب معها .



ومن أشعار مجالس الأندلس ( أو كما يسمونها مجالس الأنس!!) وصف الخمر ووصف أثرها في نفوس شاربيها مثال ذلك قول أبي بكر محمد بن عبدالملك بن زُهر:


وموسدين على الأكف خدودهم 

قد غالهم نوم الصباحِ وغالني

ما زلت أسقيهم وأشرب فضلهم 

حتى سكرت ونالهم ما نالـــــني

والخمر تعرف كيف تأخذ حقها 
إني أَملتُ إناءهــــا فأمالـــــني 


د- وصف قصور الأندلس :

وقد وصف الأندلسيون القصور الفاخرة ومنهم من رثاها بعد خرابها، ومن طرق وصف القصور :

1- الوقوف في الوصف عن حد القصر وحده، أو مزج وصفه بمدح صاحبه .

2- من طرائقهم التوسع في وصف القصور وذلك لتصوير جوانبها الفنية تصويرًا يذهب الخيال فيه مذاهب، هذا مع استمرار امتزاج هذا الوصف بالمدح.

3- من طرائقهم التفجع على القصور والديار التي ماتت بموت أصحابها أو رحيلهم ، مثلما وقف الوزير أبو الحزم على قصور الأمويين التي تقوضت أبنيتها:

قلت يومًا لدار قومٍ تفانوا

أين سُكانُكِ العِزازُ علينـــا ؟   

فأجابت : هنا أقاموا قليلاً 
ثم ساروا ... ولستُ أعلمُ أينا! 




.......،