الأحد، 13 سبتمبر 2015

ثالثًا: فنون الشعر الأندلسي المحدثة (الموشحات )


آخر فصول فنون الشعر الأندلسي يتطرق إلى فنون الشعر الأندلسي المحدثة ، وقد استحدثها الأندلسيون ثم قلدهم بعدها المشارقة وغيرهم من المغاربة .


1- الموشحات :

وأول الفنون الشعرية المحدثة وأبرزها هي الموشحات ويعرفه عدة تعاريف منها تعريف القاضي هبة الله بن سناء " الموشح كلام منظوم ، على وزن مخصوص، بقوافٍ مختلفة، وهو يتألف في الأكثر من ستة أقفال وخمسة أبيات ويقال له: التام ، وفي الأقل من خمسة أقفال وخمسة أبيات ويقال له : الأقرع ، فالتام ما ابتُدئَ فيه بالأقفال، والأقرع ما ابتدئ فيه بالأبيات".


ويعرجُ الكاتب إلى سبب تسمية الموشحات بهذا الاسم فمنهم من قال أن أصله من الوشاح الذي تتوشح به المرأة والمرصع بالجواهر واللؤلؤ، فكذلك زُينت الأبيات حالها حال الجواهر واللآلئ.


بعدها يتحدث الكاتب عن نشأة الموشحات وأنه اختلف في من اخترع هذه الموشحات ، فبعضهم قال أنها ترجع لمحمد بن محمود القبري ، وبعضهم قال أنه ابن عبد ربه ، وأنها تطورت ونبغت في عهد ملوك الطوائف على يد أبي بكر عبادة بن ماء السماء في القرن الخامس.


ونأتي بعد نشأة الموشحات إلى بناء الموشح وأنه يتكون من أجزاء:


1- المطلع : وهو القفل الأول من الموشحات ويتألف من شطرين أو أربعة أشطر، وقد تختلف قافية الشطرين، ويسمى الموشح " تامًا" إذا بدأ بمطلع أو القفل الأول وإن خلا منه يسمى " أقرع".


2- القفل: هو الجزء المتكرر في الموشحة والمتفق مع المطلع أو القفل الأول في وزنه وقافيته وعدد أجزاءه يتردد في الموشح التام 6 مرات والأقرع خمس مرات.


3- الخرجة: هي عبارة عن القفل الأخير في الموشحة ، والأقفال والخرجة هما الأجزاء الأساسية في الموشحة، أما المطلع فليس أساسيًا، ولها ثلاث أنواع :

أ- خرجة معربة لألفاظ فصيحة.
ب-خرجة ملحونة لألفاظ عامية.
ج- خرجة أعجمية الألفاظ.

والأخيرتان تكثران في الموشحات المغناة.


3- الغصن : وهو اسم اصطلاحي لكل شطر في الموشحة سواء أكان من أشطر المطلع أو الأقفال أو الخرجة ، وتتساوى الأقفال والخرجة مع المطلع من حيث عدد الأغصان وترتيبها وقوافيها، وأقلها غصنان ، وأكثرها أربع.

4- الدور: ما يأتي بعد المطلع في الموشح التام أو مستهِلاً في الموشح الأقرع.

5-السمط : هو اسم اصطلاحي لكل شطر من أشطر الدور ، ولا تقل في الدور الواحد عن ثلاثة، وقد يكون مفردًا مكونًا من فقرة واحدة أو مركبًا مكونًا من فقرتين أو مركبًا بأكثر من فقرتين مثال: 

بدرُ تمّ * شمسُ ضحى * غصنُ نقا * مسكُ شــمّ
ما أتمّ * ما أوضـحا* ما أورقـــــــا* ما أنَــــمَ
لا جــــرم* من لمحـا*قد عشِقــــا* قـــد حُرم

6- البيت: ويختلف مفهومه عن القصيدة التقليدية فهو يتكون من الدور ومن القفل الذي يليه مجتمعين، ويقسم البيت إلى بسيط ومركب.


وقد أعددتُ هذا الرسم التوضيحي لأقسام الموشحة كي يسهل فهمها ، وهي لموشحة أبي بكر بن زُهر الأشبيلي التي استعان بها الكاتب لتقريب الصورة:

***  



يتطرق الكاتب بعدها إلى أوزان الموشحات ويقسمها كما قسمها ابن سناء الملك إلى خمسة أقسام:


1- ما جاء على أوزان الشعر المعروفة، وفي نظره أنه لا يرجع لها إلا الضعفاء.


2- ما جاء على أوزان الشعر المعروفة، مع اختلاف في قوافي الأقفال.


3- ما جاء على أوزان الشعر المعروفة،وتخللت أقفالها وأبياتها كلمة أو حركة ملتزمة (كسرة أو فتحة أو ضمة)، يخرجها عن أن تكون شعرًا صرفًا.


4- ما خرج منها على أوزان الشعرالمعروفة، ولا وزن لها إلا التلحين، ولا يفتقر إلى ما يعينه عليه.


5- الوزن الأخير يتمثل في الموشحات التي لا وزن لها إلا التلحين لكنه بحاجة إلى لفظة لا معنى لها ، تكون دعامة للتلحين وسندًا للمعنى.


مثال: قول ابن بقي:


مَن طالبٌ ثار قتلي ** ظبياتُ الحُدوج ** فتّانات الحجيج


فإن اللحن في هذا لا يستقيم إلا بإضافة ما يدعم اللحن كإضافة (لا لا ) بين الجزئين الجيمين من هذا الوزن.



بعدها يعرُج الكاتب فيذكر فنون الموشحات التي تُقال فيها وأنها واكبت ظهور فن الغناء في الأندلس، وتطورت موضوعاتها في معظم فنون الشعر من غزل ومدح ورثاء وهجاء وتصوف وغيرها، ويذكر أمثلة كثيرة عليها، ولعل أشهر أمثلتها (عندي):


جادَكَ الغيْثُ إذا الغيْثُ هَمى*** يا زَمانَ الوصْلِ بالأندَلُسِ


لمْ يكُنْ وصْلُكَ إلاّ حُلُمـا***في الكَرَى أو خِلسَةَ المُخْتَلِسِ


***


إذْ يقودُ الدّهْرُ أشْتاتَ المُنَى*** تنْقُلُ الخَطْوَ علَى ما ترسمُ


زُمراً بيْنَ فُـــرادَى وثُنَـــــا *** مثْلَما يدْعو الوفودَ الموْسِمُ


والحَيا قدْ جلّلَ الرّوضَ سَنا ***فثُغـــــورُ الزّهْرِ فيهِ تبْسِمُ


ورَوَى النّعْمانُ عنْ ماءِ السّما ***كيْفَ يرْوي مالِكٌ عنْ أنسِ


فكَساهُ الحُسْنُ ثوْباً مُعْلَما *** يزْدَهي منْهُ بأبْهَى ملْبَسِ











......،