الثلاثاء، 1 سبتمبر 2015

الباب الثالث: (فنون الشعر الأندلسي )

هذا الباب يتحدث عن فنون الشعر الأندلسي ويبدأ في فصله الأول بأن هناك من يرى بأن الشعر الأندلسي لم يكن مستقلاً استقلالاً تامًا عن الشعر المشرقي ، وهذا رأي القدامى أمثال ابن بسام صاحب الذخيرة والذي قال: " إن أهل هذا الأفق –الأندلس- أبوا إلا متابعة أهل المشرق، يرجعون إلى أخبارهم المعتادة رجوع الحديث إلى قتادة..."، وكذلك رأي المؤرخين المحدثين كأحمد أمين حين قال: "وأيًا ما كان ، فشعراء الأندلس في نظرنا لم يفلحوا كثيرًا في استقلالهم عن الشرق،......، كما لم يفلح في ذلك اللغويون والنحويون والصرفيون"
وقد كانوا مدفوعين لهذا الرأي للاعتبارات التالية:
1-  رؤية الأندلسيين أنفسهم يُلقبون نابغيهم بأسماء المشارقة، فيقولون مثلاً في ابن زيدون : بحتري الأندلس، وفي حمدة بنت زياد الشاعرة الأديبة: خنساء المغرب.
2- محاكاة شاعر أندلسي لشاعر مشرقي في النسج على منواله في موضوع واحد، ووزن واحد، وقافية واحدة، فهارون الرشيد يقول مثلاً في جواريه الثلاث:

مَلَكَ الثّلاث الآنسات عناني
وحللن من قلبي بكلّ مكان

مالي تطاوعني البريّة كلّها
وأطيعهنّ وهنّ في عصياني

 فيأتي سليمان المستعين الأموي فيعارض الرشيد بقوله:
عجباً يهاب الليث حدّ سناني
وأهاب لحظ فواترِ الأجفان
وأقــــارعُ الأهـــوال لا متهيباً
منهاسوى الإعراض والهجران
وتملكت نفسي ثلاثٌ كالدُمى
زُهرُ الوجوهِ نواعمُ الأبدانِ

3- ما يرى أحيانًا من التطابق التام بين شاعرٍ أندلسي وآخر مشرقي في طريقة النظم وفي الخصائص الأسلوبية وطبيعة المعاني إلى الحد الذي يصعب معه التمييز بينهما .
لكن وجهة نظر الكاتب لا تتفق تمامًا مع هذا القول ويرى أن الالتقاء بين الشعر الأندلسي والمشرقي من حيث الصفات والموضوعات ليس أكثر من عامل نفسي فالعرب من أشد الشعوب حبًا للشعر ويعتزون بأصلهم وعروبتهم ويرون أن الوطن الجديد ليس سوى امتدادٍ للوطن الأم، وتقليدهم هو بسبب شعورهم بالانتماء إلى الأصل، وظاهرة التقليد ترجع إلى الشكل والموضوع دون المضمون، فالمضمون يغلب عليه سمة الحضارة والتجديد والابتكار.

في الفصل الثاني يقسم الكاتب في مقدمته الفنون التي استعملها الأندلسيون في الشعر إلى ثلاث مجموعات :
1- الفنون التقليدية: وهي التي جارى فيها شعراء الأندلس اخوانهم في المشرق كالغزل، والمدح، والرثاء وغيرها.
2-الفنون التي لا تخرج عن كونها من الفنون التقليدية ولكنهم توسعوا في القول فيها لوجود مقتضيات هذا التوسع في مجتمعهم مثل: الحنين، شعر الطبيعة، رثاء المدن والممالك، والشعر التعليمي
3- مجموعة الفنون الشعرية المستحدثة التي لم يُسبقوا إليها مثل: الموشحات ، والأزجال ، وشعر الاستعطاف والاستنجاد.



وتفصيل هذه المجموعات في الفصول القادمة بإذن الله ..