الخميس، 3 سبتمبر 2015

فنون الشعر الأندلسي التقليدية ( الغزل + المدح )


1- الغزل


كل شيء في الأندلس الجميلة يغري بالحب ويدعو للغزل فانقاد الشعراء لعواطفهم، وتميز غزلهم بالرقة، ومواقف الشعراء بالنسبة للتجربة الغزلية اتخذت اتجاهين:



1- اتجاه من اتخذ الغزل طريقًا إلى اللهو والمتعة .




أقلب طرفي في السماء مـــردّداً 

لعلي أرى النّجم الـذي أنت تنظر 

وأستعرض الركبان في كل وجهة 

لعلي بمن قد شــمّ عَرفَك أظفر 

وأستقبل الأرواح عند هــبوبها 

لعل نسيم الريح عنك تُخبر 

وأمشي وما لي في الطريق مآرب 

عسى نعمة باسم الحبيب تذكر 

وألمح من ألقاه من غير حاجة 

عسى لمحة من حسن وجهك تسفر





2- اتجاه من تغزلوا تعبدًا بالجمال واتخذوا من العفاف حائلاً بينهم وبين الغواية،مثال: قول ابن فرج الجياني:



طائعة الوصال صددت عنها 

وما الشيطان فيها بالمطاع 

بدت في الليل سافرةً فباتت 

دياجي الليل سافرة القناع 

فملّكت الهوى جمحات أمري 

لأجري في العفاف على طباعي 



3- ومن اتجاهات الغزل الأندلسي " الغزل بالمذكر" .

4- ومن اتجاهات الغزل الأندلسي أيضًا المتأثرة بالبيئة هو " الغزل بالنصرانيات" :


وبين المسيحيات لي سامريــــــّة 

بعيدٌ على الصبِّ الحنيفي أن تدنو 

مثلِثــــــــــة وحــد الله حســـــــــنها 

فثُنيَ في قلبي بها الوجدُ والحســـنُ 


ويرى الكاتب أن نبض العاطفة الصادقة في أغلبه نبضٌ ضعيف ، إلا عند ابن زيدون ، فإن عاطفة الحب في غزله عاطفة قوية صادقة:


أأسلب من وصالك ما كسيت ؟ 

و أعزل عن رضاك و قد وليت ؟ 

و كيف و في سبيل هواك طوعا 

لقيـت من المكــاره ما لقـــيت ؟ 

فديتك ليس لي قلب فأسلو 

و لا نفسٌ فآنف ان جفيت 

فان يكن الهـــوى داء مميتًا 

لمـــن يهوى فـإني مســتميت 

أسر عليـــك عتبا ليـس يبـقى 

و أضمر فيك غيظا لا يبيت 

و ما ردي على الـواشين الا : 

"رضيت بـجور مالكتي رضيت"! 



وهناك من شعراء الغزل من يتغزل باسلوب حواري مثل الأعمى التطيلي الذي جعل الحوار بينه وبين (أم المجد) يتغزل فيه بمحبوبته:



لما التقينا وقد قيــــل المساء دنا 

وغابت الشمس أو كادت ولم تغب 

وأضلعي بين منـقذ ومنقصف 

وأدمــعي بيـن منهــل ومنسكب 

وأملتنيَ " أم المجــد" قائلــــةً 

بــمـــن أراك أسير الوجــــد والطرب 

فقلت قــلبيَ مسبيٌ وإنـــكِ لو 

كــتمتِ سريَّ لم أكتمكِ كيف سُبي 

فأعرضت ثم قالت قد أسأتَ بنا 

ظنــاً، أيجمل هذا من ذوي الأدب 

فقـلت إني امرؤ لما لقيتكــم 

والمـرء وقفٌ على الأرزاء والنوب 

سبت فؤادي ذات الخال قادرةً 

ولا نصـيب له منها سوى النصب 

أشـــقى بها وهي عني في بلهنية 

شتــان والله بــين الجد واللعـب 



2- المدح

يبدأ الكاتب في هذه الفقرة بالحديث عن نشأة مديح العرب فقد كان بداية فخرًا كله ، لأنه من أسس البداوة، ولم تكن تعرف التكسب بالشعر، ثم بدأ يتطور ويتكسب بالمدح حتى أصبح الشعر تجارة وكسبًا ، ثم الحديث عن رأي النقاد فيه ، وسار الأندلسيون على خطى العرب في المديح، وكانت قصائدهم المادحة على جانبين:

1- وصف الممدوح كالكرم والشجاعة وغيرها.

2- وصف انتصارات الممدوحين وجيوشهم ومعاركهم.



بعدها يتحدث الكاتب عن بناء قصيدة المدح وهي على طريقة من سبقهم التقليدية:

1- من القصائد ما بُنيت على المدح فقط:


تُفْشي يَداكَ سَـــرائرَ الأَغْمادِ 


لِقِطافِ هامٍ واختِلاءِ هَوادِ 


إلّا على غزوٍ يُبيدُ بِهِ العـِدى 


للِّه من غزوٍ لَهُ وجــهادِ 


مَلِكٌ مَفَاخِرُهُ تُعَدّ مفاخراً 


لمآثـــرِ الآباءِ والأجدادِ 





2- وهناك قصائد قدمت للمدح فيها بالغزل، مثل قول ابن دراج القسطلي في مدح مبارك ومظفر صاحبي بلنسية:




أنورك أم أوقدت بالليل نارك


لبـاغي قِراكَ أم لبـاغي جوارك


ومبسمك الوضاح أم ضوء بارق


حداه دعــــائي أن يجود ديارك


وطيفــــــك أسرى فاستثار تشوقي


إلى العهد أم شوقي إليك استثارك


وطرة صبح ام جبينك سافرا


اعـــرت الصباح نوره أم أعارك


شريكان في صدق المنى وكلاهما


إذا بارز الأقران غيــر مشارك


ويهنيك يا دار الخلافة منهمـا


هلالان لاحا يرفعــــان منارك



3- وقد يقدم وصف الخمر ، ثم وصف الطبيعة مثل قول الوزير بن عمار في مدح المعتضد بن عباد:

أدِر المدامة فالنــــــــسيم قد انبرى


والنجمُ قد صرف العِنان عن السّرى


والصبح قد أهــــــــدى لنا كافوره


لمّا استردّ الليـــــــــــل منّا العنبـــــرا


والروض كالحسنـــــــــا كساه زهره


وشياً وقلـده نداه جوهــــرا


أو كالغلام زها بورد خــــــــــدوده


خجلاً وتـــــــاه بآسهنّ معذّرا


روضٌ كـأنّ النهـــــــــر فيــــه معصمٌ


صــــــافٍ أطلّ على رداء أخضــرا


وتهزه ريــــــح الصّبــــــا فتخالـــه


سيف ابن عبــــــــــاد يبدّد عســكرا


ملكٌ إذا ازدحــــم الملـــوك بموردٍ


ونحاهُ لا يـــــــرِدون حتى يصـــدرا






.....،